قانون إجبارية التسجيل في "أمو" يدخل حيز التنفيذ قريبًا: شرط أساسي للاستفادة من الدعم الحكومي
أعلنت الحكومة المغربية عن دخول القانون المتعلق بإجبارية التسجيل في نظ…
أعلنت الحكومة المغربية عن دخول القانون المتعلق بإجبارية التسجيل في نظ…
حقيقة فرنسا تنهب ثروات مالي ومالي يقتلها الجوع والفقر
منذ الاستقلال في عام 1960، لم تتوقف مالي عن مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى، رغم أنها تمتلك ثروات طبيعية هائلة. يعتقد الكثيرون أن فرنسا، التي كانت القوة الاستعمارية السابقة في المنطقة، لا تزال تستفيد من هذه الثروات، وتساهم بشكل مباشر في تعميق الأزمة الاقتصادية التي يعيشها الشعب المالي. من الذهب والنفط إلى المعادن الأخرى، تمثل مالي واحدة من أغنى البلدان في إفريقيا. ولكن رغم هذا، لا يزال ملايين المواطنين يعانون من الفقر والجوع بشكل يومي.
تعد مالي واحدة من أكبر منتجي الذهب في العالم، حيث يعتبر الذهب من أكبر مصادر الدخل القومي للبلاد. ومع ذلك، فإن الثروة الهائلة التي تتمتع بها مالي من الذهب والمعادن الأخرى لا تترجم إلى تحسن في مستوى المعيشة للشعب المالي. يرجع ذلك إلى عدة أسباب، أبرزها استنزاف هذه الموارد من قبل شركات فرنسية، والتي تسيطر على معظم صناعات التعدين في البلاد. علاوة على ذلك، تظل هذه الشركات غالبًا ما تتجنب دفع الضرائب بشكل عادل أو الاستثمارات التي من شأنها تحسين البنية التحتية أو حياة المواطنين.
في الواقع، تواصل الشركات الفرنسية السيطرة على العديد من الصناعات في مالي ودول غرب إفريقيا الأخرى. مع شركات مثل "أريفا" الفرنسية التي تدير تعدين اليورانيوم في النيجر، و"شركة النفط الفرنسية توتال" التي تنشط في استخراج النفط في مالي ودول الجوار، يُعتبر القطاع الفرنسي من أكبر المستفيدين من الموارد الطبيعية في هذه البلدان. ومع ذلك، يُعتبر هذا الاستغلال سببًا رئيسيًا لاستمرار الفقر في المنطقة. فالربح الناتج عن هذه العمليات لا يعود بالفائدة على الشعب المالي بشكل كافٍ، بل يتم استنزافه لصالح الشركات الأجنبية والطبقات الحاكمة.
في الوقت الذي تحتفظ فيه مالي بكميات ضخمة من المعادن والموارد الطبيعية، يواجه الشعب المالي واحدة من أسوأ معدلات الفقر في العالم. تشير التقارير إلى أن أكثر من 40% من السكان يعيشون تحت خط الفقر، بينما يعاني الملايين من الجوع. يعتبر الفقر مشكلة هيكلية ناتجة عن العديد من العوامل، مثل الفساد، ضعف الحوكمة، والتوزيع غير العادل للموارد.
من جهة أخرى، ساهمت النزاعات المسلحة في شمال البلاد منذ عام 2012 في زيادة معاناة السكان، حيث تسببت في تدمير العديد من القرى، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية. ومع تزايد العنف، أصبحت الأمم المتحدة تحذر من أن هذه الأزمات قد تزداد سوءًا ما لم يتم تحقيق حل سياسي واقتصادي جذري.
العلاقة بين مالي وفرنسا معقدة للغاية. بعد الاستقلال، استمرت فرنسا في التأثير على سياسات مالي من خلال الاتفاقات الاقتصادية والعسكرية التي تعود إلى أيام الاستعمار. على الرغم من أن مالي أصبحت دولة ذات سيادة، فإن فرنسا لا تزال تحتفظ بنفوذ كبير من خلال تواجدها العسكري في المنطقة وبرامج التعاون الفني والاقتصادي. لا تقتصر هذه العلاقة على الدعم العسكري فقط، بل تشمل أيضًا اتفاقات تجارية تستفيد فيها الشركات الفرنسية من الموارد المالية دون تقديم تعويضات حقيقية للمجتمع المالي.
لحل هذه المشكلة، يعتقد العديد من المحللين أن على مالي أن تسعى إلى إعادة توزيع ثرواتها بطريقة عادلة. يجب على الحكومة المالية القيام بإصلاحات جذرية في القطاعات الاقتصادية، وتحسين الشفافية، وتعزيز دور الشركات المحلية. كما يجب أن يكون هناك ضغط أكبر على الشركات الأجنبية، بما في ذلك الفرنسية، لدفع الضرائب بشكل عادل والاستثمار في البنية التحتية المحلية.
علاوة على ذلك، ينبغي لمجتمع المجتمع الدولي أن يلعب دورًا أكبر في دعم مالي في جهودها لمكافحة الفقر والجوع. يجب أن يشمل هذا الدعم ليس فقط تقديم المساعدات الإنسانية، بل أيضًا دعم الإصلاحات الاقتصادية التي تهدف إلى بناء اقتصاد محلي قوي ومستدام.
في النهاية، تبقى علاقة فرنسا بمالي موضوعًا شائكًا يعكس تحديات تاريخية ومعاصرة تتعلق بالاستعمار والاستغلال الاقتصادي. ورغم الثروات التي تمتلكها مالي، فإن الفقر والجوع لا يزالان يؤثران بشكل عميق على حياة ملايين من مواطنيها. إن تحقيق العدالة الاقتصادية يتطلب إرادة سياسية قوية، إصلاحات جذرية، ومشاركة حقيقية من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك القوى الاستعمارية السابقة.